سنكسار اليوم 17 من شهر طوبة المبارك / الاربعاء 25 يناير 2017
نياحة القديس دوماديوس أخى مكسيموس
في هذا اليوم تذكار القديسين الجليلين مكسيموس وأخيه دوماديوس .
وكان أبوهما "الندينيانوس" ملك الروم رجلا خائف الله قويم المعتقد ، فرزقه هذين
القديسين. وكانا منذ صغرهما مثل الملائكة قي الطهر والقداسة ، ملازمين الصلاة
ومطالعة الكتب المقدسة . ولما تحقق لهما زوال هذا العالم وكل مجده ، قررا تركه
وعزما علي العيشة الرهبانية . فطلبا من أبيهما ان يسمح لهما بالذهاب إلى مدينة
نيقية ، ليصليا في مكان اجتماع المجمع المقدس المسكوني الاول ، الذي انعقد سنة 325
م ، ففرح أبوهما وأرسل معهما حاشية من الجند والخدم كعادة أولاد الملوك . ولما وصلا
أمرا الجند ان يرجعوا إلى أبيهما ويقولوا له انهما يريدان ان يمكثا هناك أياما . ثم
كشفا أفكارهما لأحد الرهبان القديسين من انهما يريدان لباس الإسكيم المقدس . فلم
يوافقهما علي ذلك خوفا من أبيهما ، وأشار عليهما ان يذهبا إليه وظلا عنده حتى تنيح
. وكان قبل نياحته قد البسهما شكل الرهبنة ، وعرفهما بأنه رأي في رؤيا الليل القديس
مقاريوس وهو يقول له أوص ولديك ان يأتيا إلى بعد نياحتك ويصيرا لي بنينا . ثم قال
لهما : أنني كنت اشتهي ان انظر هذا القديس بالجسد ، ولكنني قد رايته بالروح . فبعد
نياحتي امضيا إليه بسلام . وقد انعم الله عليهما بموهبة شفاء المرضي ، وشاع ذكرهما
في تلك البلاد وخصوصا بين التجار والمسافرين ، وتعلما صناعة شراع ( قلوع ) السفن.
فكانا يقتاتان بثمن ما يبيعان منها ويتصدقان علي الفقراء والمساكين بما يفضل عنهما
. وذات يوم رأي أحد حجاب أبيهما شراع إحدى السفن مكتوبا عليه " مكسيموس ودوماديوس "
، فاستفسر من صاحب السفينة فقال له : هذا اسم أخوين راهبين ، كتبته علي سفينتي
تبركا ، لكي ينجح الله تجارتي . ثم أوضح له أوصافهما بقوله ، ان أحدهما قد تكاملت
لحيته والأخر لم يلتح بعد ، فعرفهما الحاجب واخذ الرجل وأحضره أمام الملك . ولما
تحقق منه الأمر أرسل إليهما والدتهما والأميرة أختهما . فلما تقابلتا بالقديسين
وعرفتاهما بكتا كثيرا . ورغبت أمهما ان يعودا معها فلم يقبلا، وطيبا قلب والدتهما
وأختهما . وبعد ذلك بقليل تنيح بطريرك رومية ، فتذكروا القديس مكسيموس ليقيموه بدلا
عنه . ففرح والده بذلك . ولما وصل هذا الخبر إلى القديس مكسيموس وأخيه ، تذكرا وصية
أبيهما الانبا أغابيوس ، فغير الاثنان شكلهما ، وقصدا طريق البحر الأبيض. وكانا إذا
عطشا يبدل الله لهما الماء المالح بماء عذب، وتعبا كثيرا من السير حتى أدمت أرجلهما،
فناما علي الجبل وقد أعياهما التعب ، فأرسل الله لهما قوة حملتهما إلى برية الاسقيط
، حيث القديس مقاريوس، وعرفاه انهما يريدان السكني عنده . ولما أراهما من ذوي
التنعم ، ظن انهما لا يستطيعان الإقامة في البرية لشظف العيشة فيها . فأجاباه
قائلين : ان كنا لا نقدر يا أبانا فأننا نعود إلى حيث جئنا . فعلمهما ضفر الخوص ثم
عاونهما في بناء مغارة لهما . وعرفهما بمن يبيع لهما عمل أيديهما ويأتيهما بالخبز .
فأقاما علي هذه الحال ثلاث سنوات ، لم يجتمعا بأحد ، وكانا يدخلان الكنيسة لتناول
الأسرار الإلهية وهما صامتين ، فتعجب القديس مقاريوس لانقطاعهما عنه كل هذه المدة ،
وصلي طالبا من الله ان يكشف له أمرهما وجاء إلى مغارتهما حيث بات تلك الليلة . فلما
استيقظ في نصف الليل كعادته للصلاة ، رأي القديسين قائمين يصليان ، وشعاع من النور
صاعدا من أفواهها إلى السماء ، والشياطين حولهما مثل الذباب ، وملاك الرب يطردهم
عنهما بسيف من نار . فلما كان الغد البسهما الإسكيم المقدس وانصرف قائلا : صليا عني
فضربا له مطانية وهما صامتين . ولما اكملا سعيهما وأراد الرب ان ينقلهما من أحزان
هذا العالم الزائل . مرض القديس مكسيموس فأرسل إلى القديس مقاريوس يرجوه الحضور .
فلما أتي إليه وجده محموما فعزاه وطيب قلبه . وتطلع القديس مقاريوس وإذا جماعة من
الأنبياء والقديسين ويوحنا المعمدان وقسطنطين الملك جميعهم قائمين حول القديس إلى
ان اسلم روحه الطاهرة بمجد وكرامة . فبكي القديس مقاريوس وقال : طوباك يا مكسيموس .
أما القديس دوماديوس فكان يبكي بكاء مرا ، وسال القديس مقاريوس ان يطلب عنه إلى
السيد المسيح لكي يلحقه بأخيه . وبعد ثلاثة ايام مرض هو ايضا ، وعلم القديس مقاريوس
فذهب إليه لزيارته . فيما هو في طرقه رأي جماعة القديسين الذين كانوا قد حملوا نفس
أخيه ، حاملين نفس القديس دوماديوس وصاعدين بها إلى السماء . فلما آتي إلى المغارة
وجده قد تنيح ، فوضعه مع أخيه الذي كانت نياحته في الرابع عشر من هذا الشهر . وأمر
ان يدعي الدير علي اسمهما فدعي دير البراموس نسبة إليهما ، وهكذا يدعي إلى اليوم .
صلاتهما تكون معنا امين .
نياحة القديس الأنبا يوساب الأبح أسقف جرجا
في مثل هذا اليوم من سنة 1826 م تنيح الاب العالم الجليل الانبا
يوساب ، أسقف جرجا وأخميم المعروف بالابح . وقد ولد ببلدة النخيلة من أبوين غنيين
محبين للفقراء . ولما بلغ من العمر 25 عاما أراد والداه ان يزوجاه فلم يقبل ،
ولميله إلى الحياة الرهبانية قصد عزبة دير القديس أنطونيوس ببلدة بوش . وأقام هناك
مدة ظهر فيها تواضعه وتقواه ، الأمر الذي جعل رئيس الدير يوافق علي إرساله إلى
الدير . ولما وصل استقبله الرهبان فرحين نظرا لما سمعوه عنه من الفضيلة التي تحلي
بها ، وعن كثرة بحثه وتأملاته في الأسفار المقدسة ، وبعد قليل البسوه ثياب الرهبنة
. ولما وصل خبره إلى الاب البطريرك الانبا يوحنا السابع بعد المائة ، استدعاه
وأبقاه لديه ، وإذ تحقق ما كان يسمعه عنه من التقوى والعلم ، دعا الأباء الأساقفة ة
تشاور معهم علي إقامته أسقفا علي كرسي جرجا . أما هو فاعتذر عن قبول هذا المنصب
لكثرة أعبائه ، فرسموه رغما عنه . ولما وصل إلى مقر كرسيه ، وجد شعبه وقد اختلط به
الهراطقة ، فسعي في لم شمله ، وبني له كنيسة واجتهد في تعليمه ، ورد الضالين ،
وهداية كثيرين من الهراطقة . ووضع عده مقالات عن تجسد السيد المسيح ، وفسر كثيرا من
المعضلات الدينية ، والآيات الكتابية ، وحث شعبه علي أبطال العادات المستهجنة ،
التي كانت تجري أثناء الصلاة في الكنيسة وخارجها. كما افلح في إبطال المشاجرات
والمخاصمات التي كانت تحدث من المعاندين للحق . وكان رحوما علي الفقراء ، ولم يكن
يأخذ بالوجوه ، ولم يحاب في القضاء ، ولم يقبل رشوة . أما ما كان يتبقى لديه فكان
يرسله إلى الاخوة الرهبان بالأديرة ، ولم يكن يملك شيئا إلا ما يكسو به جسده ، وما
يكفي لحاجته. ولم ينطق بغير الحق ، ولم يخش باس حاكم ، ورعي شعبه احسن رعاية . ولما
أراد الله انتقاله من هذا العالم ، مرض عدة ايام ، فضي بعضها بكرسيه والبعض الأخر
بقلاية الاب البطريرك الانبا بطرس التاسع بعد المائة ، ثم توجه إلى ديره بالبرية ،
ففرح به الرهبان وهناك انتهت حياته المباركة ، واسلم روحه الطاهرة بيد الرب الذي
احبه . وكانت مدة حياته إحدى وتسعين سنة . منها خمس وعشرون قبل الرهبنة ، وإحدى
وثلاثون بالدير وخمس وثلاثون بكرسي الأسقفية
.
صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائما ابديا امين
.